
كان التخطيط للرحلة عشوائياً بمعنى الكلمة ، فالإجازة مدتها 10 أيام فقط ، ويجب إستغلالها قدر الإمكان ، قررنا السفر جميعا ( 4 أشخاص ) و لكن لم يبقى في النهاية الا أنا و رائد السعيد.
كان الحجز قد تم قبل السفر بأقل من أسبوع ، و أختيار البلد أيضا قد تم بطريقة عشوائية ، فكانت الفكرة إختيار بلد مناسب في هذا التوقيت من السنة و لا يتطلب فيزا للسعوديين ، فكانت الإختيارات تدور بين أربع دول تقريباً هي الفلبين و كوريا الجنوبية و أندونيسيا و هونج كونج ، و حيث أن تذاكر السفر إلى كوريا و هونج كونج كانت مرتفعة جداً و الأوضاع العامة في أندونيسيا لا تشجع للزيارة فقد وقع الإختيار على الفلبين.
لم نكن نعرف أي معلومة مسبقة عن البلد ، وبدأنا في جمع المعلومات تقريباً بعد ما تم التأكد من الحجوزات فقط.
المدة كانت 10 أيام تتضمن زيارة مدينتين على الأكثر ، فأخترنا زيارة كل من مانيلا كعاصمة ، وزيارة هونج كونج لقربها من الفلبين ، ولكن لقصر مدة السفر فقررنا البقاء في الفلبين ، و الذهاب إلى إحدى الجزر السياحية مثل سيبو و بوراكاي ، و كان الإختيار على بوراكاي ، فكانت الخطة بشكل عام 4-2-4 هجومية بحته.
-
البداية :
بدأت رحلة البحث عن التذاكر المناسبة ، كانت الإختيارات تدور حول خطوط الطيران الخليجية ، فالخطوط السعودية كانت خارج الحسابات تماماً ، كانت الأسعار تتراوح مابين 3200 ريال صعوداً إلى أرقام فلكية تصعب بدون شك على جيوبنا البسيطة.
وقع الإختيار على طيران الإتحاد و تم شراء التذاكر بسعر يقارب 6400 ريال لشخصين ( وهي الأرخص بالمناسبة ) ذهاباً وعودة من الرياض إلى مانيلا مروراً بأبوظبي ، وبمدة زمنية تقارب 14 ساعة ذهاباً ومثلها تقريباً في العودة.
بعدها بدأت رحلة الإختيار بين جزيرتي سيبو و بوراكاي ، و وقع إختيارنا على بوراكاي بما أنها صنفت من أفضل شواطيء العالم في أكثر من سنة و لشهرتها العالمية “ و برضوا لأن دعاية باونتي مصورينها في هالجزيرة “ ، وتم حجز التذاكر عبر طيران الفلبين بقيمة إجمالية لم تتجاوز 1500 ريال لشخصين.
تم الإعتماد على موقع TripIt في ترتيب جدول الرحلة و أرقام الحجوزات ومواعيدها و كل مايخص الرحلة ، و مزامنة حساباتنا بالهواتف الجوالة ( آيفون و أندرويد حتى ما يزعلون علينا ) ، و فعلاً كان الأمر مريح جداً خصوصاً في وجود جميع المعلومات و سرعة الوصول إليها بسهولة من خلال الجوال.
أخيراً قمنا بالبحث عن السكن ، بعد سؤال السيدة كورا –مديرة منزلنا العزيزة- كانت نصيحتها أن تكون ماكاتي هي منطقة السكن وقالت بالحرف الواحد : ( ماكاتي مثل هذا أوليا –العليا- في رياض ) ، أخذنا بنصيحتها بدون شك ، و بعد جولة على عدد من الفنادق في ماكاتي وقع إختيارنا على فندق Fraser Place Makati و هو مناسب جداً لنا ، حيث يوفر شقة بغرفتين و بأثاث مناسب كما كنا نرى في الصور ، و بسعر يعتبر مناسب حيث لم يتجاوز 3700 ريال لمدة 4 ليال.
بعد إنهاء كافة الحجوزات ، بدأنا بالسؤال عن البلد في محيطنا البسيط ، للأسف أكتشفنا أن سمعة البلد “ موش ولابد “ حيث تشتهر بالسياحة الموب الكويسة ، فتوكلنا على الله فلا يوجد أي مجال للتراجع بعد كل هذه الخسائر.
-
ليلة السفر :
كان الموعد هو الرابعة فجراً ، فتواجدنا في مطار الملك خالد بالرياض عند الساعة الواحدة و قبيل الرحلة بثلاث ساعات ، المشهد هناك كان مزرياً ، زحمة لم أراها من قبل في المطار ، و الوضع فوق التصور ، أركام من البشر في صفوف طويلة تحتاج لساعات حتى تستطيع الوصول إلى موظف المطار ، تحايلنا قدر المستطاع للوصول إلى الموظف و الحصول على بطاقات صعود الرحلة فالرحلة لم يتبقى عليها الا قليل من الوقت ، بعد حرب طويلة أستطعنا إخذ بطاقات الصعود بعد بعض المعاناة من موظفي المطار ، فالمعاملة كانت غير حضارية بتاتاً.
و أخيراً أصبحنا في بوابة الطائرة ننتظر الإعلان عن الصعود ، حينها جائنا الإعلان المعتاد بتأخير الرحلة لمدة ساعة كاملة ، مما أثر على الكثيرين الذين كانوا مرتبطين برحلات أخرى من مطار أبوظبي ، فيما لم يكن الأمر يعنينا كثيراً فوقت الإنتظار في أبوظبي يتجاوز الـ 4 ساعات ما يعني أن تأخير ساعة لا يغير في الأمر شي.
وصلنا أبوظبي ومنها أقلعنا إلى مانيلا في طائرة بدون أي حجوزات متعثرة ماشاء الله ، فكانت الأماني أن تكون الطائرة خالية و يمكن وقتها “ التسدح” و النوم لشخصين جاوزا الـ 24 ساعة دون نوم ، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركة.
-
الوصول في حضرة باكمان :
بعد رحلة طويلة ومتعبة ، وصلنا في آخر الليل إلى مطار مانيلا الدولي الذي كان كما توقعنا مطار بسيط جداً بخدمات بسيطة ، وبترتيب عادي وكأنك تصل إلى مطار محلي وليس مطار دولي ، المدينة كانت نائمة والهدوء يعم المكان ولم نتمكن – من التعب – من مشاهدة ماحولنا بوضوح وتركيز.
أستقبلنا البوستر أعلاه ، ولمن يظن أنني أتحدث عن باكمان ( ماغيره ) فليحدث معلوماته ، فباكمان هو “ إسم الدلع “ لبطل الفلبين الدولي في الملاكمة البطل Manny Pacquiao والذي كان مطار مانيلا وشوارعها تضج بصورة ودعايات المباراة القادمة له مع الملاكم مارجاريتو من المكسيك على لقب مجلس الملاكمة العالمي للوزن فوق المتوسط.
أنهينا أمور الجوازات بسهولة ، ولم يتم طلب أي “حلاوة” كبعض الدول العربية ، وإنما تم طلب رسوم إستخدام المطار وهي 400 بيسو فلبيني أي مايقارب 34 ريال سعودي للشخصين ، و إتجهنا مباشرة إلى سيارات التاكسي للإتجاه للفندق ، وقفنا في صفوف خاصة لسيارات التاكسي و في مدة بسيطة ركبنا التاكسي الذي كان سائقة متحمساً للحديث عن البطل باكمان خلال الرحلة إلى الفندق التي كلفتنا 370 بيسو مما يقارب 31 ريال سعودي.
وصلنا فندق Fraser Place في مدينة ماكاتي و هي مدينة تتبع لمنطقة Metro Manila التابعة لمانيلا العاصمة ، وقياساً بالرياض يمكن القول أن ماكاتي هي حي العليا حيث تعتبر هي منطقة الأعمال الرئيسية في العاصمة مانيلا ، الفندق فاق التوقعات فالسعر مناسب جداً ( تقريباً 750 ريال في الليلة لشقة بغرفتين ) و بأثاث جديد و نظيف و خدمات متكاملة ، وكذلك المكان المناسب لقربه من المناطق التجارية و الأسواق.
أخيراً نومة عميقة تعوض السفر الطويل ، لنصحوا على مفاجأه لم نتوقعها !
-
الإستكشاف :
المنظر أعلاه لم يكن متواجداً حينما دخلنا الغرف ، أو أننا من التعب والظلام لم نميز هذه الأبراج العالية ، ولكن كانت المفاجأة عندما صحونا ظهراً لتبرز أمامنا هذه البنايات بكل وضوح ، حيث تغيرت نظرتنا للبلد فكنا متوقعين بأن تكون البلد بسيطة والبنايات على قدر الإمكانيات ، لكن ما رأيناه فاق توقعاتنا وكأننا على بعد كيلوا مترات عن شارع الشيخ زايد في دبي ( وأحنا فرحانين بالمملكة والفيصلية !! ) ، قمنا بالحجز على جولة لمنطقة Tagayaty و مانيلا قبيل كل شي وبدأنا في التجهيز للخروج.
خرجنا لإستكشاف المنطقة القريبة من الفندق ، كانت أول المظاهر غريبة ! رجل عادي جداً بحذاء غير عادي أبداً ! كان المنظر غريب بكل صراحه ، فلم نتوقع أبداً في حياتنا أن نواجه “ رجال يلبس كعب ! “ تمنيت لو أننا أستطعنا تصوير المشهد الغريب هذا ! “ يؤ “ كانت أبرز الكلمات لوصف حالتنا وقتها.
أرشدنا إستقبال الفندق إلى مركز تجاري يسمى جلوريتا في منطقة ماكاتي قريب من الفندق ، خرجنا للبحث عن تاكسي وبائت كل محاولاتنا بالفشل ! كان الوضع غريب فعلاً فكل محاولة لإيقاف تاكسي تنتهي بالفشل الذريع ، فمعظمهم مشغولين برفقة ركاب آخرين ، أو لا يلتفتون لنا بتاتاً ! شدعوه !
حاولنا كثيراً ولم ننجح ، فيبدوا أن سائق التاكسي هنا “ بطران “ لدرجة أنه لا يتوقف لأي شخص ، المهم بدأنا بالمشي بدون أي إرشادات ، لا نعلم أين نحن ولا نعلم عنوان المركز التجاري ، فكنا نمشي في محاولة منا للوصول إلى مكان آخر يمكن في الحصول على تاكسي ، فكانت المحاولة الأخيرة أن ندخل إلى فندق قريب مناً و السؤال عن أسعار الغرف حيث أننا نبحث عن فندق للسكن فيه بعد عودتنا من بوراكاي ، و خرجنا من الباب الآخر وكأننا من سكان الفندق لنقوم بطلب التاكسي من هناك .
وصل الفرج وأستطعنا الحصول على تاكسي ، كنا على معرفة سابقة بأن أفضل طريقة للتعامل مع التاكسي في مانيلا هي إستخدام العداد ، فطلبنا منه تشغيل العداد و الذهاب إلى مركز جلوريتا ، أخذ يلف ويدور و توقف فجأه ليطلب منا النزول و السبب أنه مشغول الآن ! طلبنا معرفة مبلغ العداد ليقول 370 بيسو وهي تقريباً سعر المشوار من المطار للفندق ، و بلا مبالغة كانت ردة الفعل هي “ أحه ! تستهبل ؟ “ و ليؤكد بدون أي مشاعر إحراج أن العداد يذكر هذا الرقم ، و هو في الحقيقة لا يعمل فيه الا آخر 3 أرقام فقط ! حيث أن فئة المئات والعشرات لا تعمل في عدادة المبارك.
دخلنا في جدال بسيط ، و نزلنا بالسعر إلى 200 بيسو أي مايعادل 17 ريال فأشترينا راحتنا ودفعنا المبلغ ، و نزلنا في منطقة غريبة داخل الأحياء ، أضعنا 3 ساعات في التجول في المنطقة وزيارة فندق جديد قريب من هناك.
وصلنا إلى مركز جلوريتا مع تاكسي آخر ، كانت هذه المحطة هي آخر محطة لعذاب التكاسي في ذلك اليوم ، صرنا نملك الخبرة للتعامل معهم ، و دائما ما يكون أول إختبار هو التأكد من عمل كل الأرقام في العداد.
- جلوريتا و أخواتها :
وصلنا إلى جلوريتا ، وهو مركز كبير في ماكاتي ينقسم إلى 5 أقسام متجاورة ، لم نأخذ الكثير من الوقت فيه لكن بشكل عام لم يناسبنا كثيراً.
كانت أول المحلات التي أستقبلتنا محل لشركة Globe وهي شركة إتصالات معروفة في الفلبين و كنا قد قرأنا عن عروضها للإنترنت عبر الجوال مسبقاً ، أستخرجنا شرائح جوال مع إنترنت مفتوح لمدة خمس أيام بمبلغ يقارب الـ 30 ريال سعودي .
بعد جولة بسيطة في جلوريتا ، بدأنا البحث عن مطعم نسد فيه جوعنا ، كان الأكل أكبر مخاوفنا في الفلبين خصوصا مما نسمع من أنواع الأكل هناك ، كانت الخيارات متعددة منها المطاعم العالمية و مطاعم أخرى مختلفة خصوصا من آسيا ، أتجهنا لمطعم هندي متأكدين – بدون شك – من أن أكله سيكون مناسباً لنا ، كان الخيار موفقاً ولله الحمد.
بعد هذه الوجبة الدسمة ، كان للقهوه نصيب من رحلتنا و كنا على موعد مع ستار بكس ، قضينا فيه بعض الوقت متأملين في وجوه الآخرين المارين في الشارع ، و بما أن المحلات تغلق أبوابها في وقت مبكر تقريباً ، كان القرار أن نشاهد أحد الأفلام في السينما و من ثم نتجه إلى الفندق ، بإستخدام برنامج ClickTheCity حددنا فلم Due Date و الوقت المناسب و أتجهنا مباشرة للسينما.
كانت السينما التي أخترناها تتواجد في مركز آخر ، وحيث أنها ظهرت من بين صالات السينما القريبة في برنامج ClickTheCity عرفنا أن المسافة لا تبعد كثيراً عنا ، أتجهنا هناك لننتقل إلى مركز Greenbelt 3 .
جرينبيلت هو مركز تسوق ملاصق تقريباً لجلوريتا في منطقة Ayala Center في ماكاتي ، يتكون أيضا من خمس أقسام متجاورة ومربوطة ببعضها البعض بجسور ، و المنطقة بينهم تعتبر حدائق مفتوحة.
كانت أول المظاهر التي واجهتنا في جرينبيلت 3 هو محلات الماركات العالمية ، فكان محل Gucci هو الأول في مدخل المركز ، و تأتي بعده صف طويل من الماركات العالمية ، إتجهنا مباشرة للسينما مروراً بحديقة رائعة تحيط بالمركز.
سنتحدث عن جرينبيلت ببعض التفاصيل في الأجزاء القادمة.
______________________
تقرير ممتاز ..
شكراً لك
طريقة طرحك للتقرير جميله جدا
والاسلوب ايضا مشوق
تروحون وترجعون بالسلامه
سرد رائع ومشوق لأحداث الرحله (: اتمنى اضافة المزيد من الصور في الجزء القادم
تقرير رائع ومشوق بانتظار الجزء المتبقي من الرحله
حمداً لله على سلامتكم …
تقرير جميل …
بانتظار البقية
ماشاء الله ابداع في تصوير المواقف ونقلها ..
بصراحة كنت اتابع تويتاتك .. وكنت اقول في نفسي .. يا ريته يكتب تدوينة عنها ..
وها أنت تكتب عن البلد..
أناسٌ مثلك .. أتشرف بمتابعتهم ..
في انتظار الأجزاء الباقية بشغف. .
شكراِِ لك .. والحمدلله على سلامتك ..:)
يالله شي الفلبين
تقريرك كان روعه
تقرير ولا أروع وأسلووب جميل في طرح وسرد الرحلة ، أتمنى لك التوفيق